ليالي دنفر

 ليالي دنفر 


في منتصف الليل وكما هي عادتي القديمة أحب أن أسير لوحدي وحيدًا  فهدوء  المكان وسبات الليل  يروق لي  ولكن هذي المرة في إحدى شوارع مدينة دنفر بالقرب من جبال الروكي والنهر الذي سمي على إسم الولاية بطريقة إسبانية (كولارادو ) كان الجو بارد قليلًا وبينما أسير رأيت مجموعة من المتشردين الذين لايمتلكون منزلا ، أعتذر على هذا الوصف كالقطط المتشردة بالشوارع إقتربت منهم بحذر لكي أرى حالهم مجتمعين على حاوية مشعلين النيران للتدفئة كنت أظن أنهم أشخاص ذو صفات عدوانية تفاجئت  أنهم عكس ماكنت أتوقع 

مسالمين جدا شعرت بالرأفة على حالهم لماذا هذا الإنسان لا يمتلك منزلًا هل هو فقر أم أسلوب حياة 

عش صغير يختبيء فيه يدفئه عن البرد القارس ويبعدة عن لهيب الشمس لو كنت مكانة لنصبت خيمتي في البرية (فكرة بدوية ) مالذي يجبرني على التشرد بمدنهم المركبة ؟

ماذا عن أنظمة الضمان الإجتماعي ؟أم أن هذة الفئة تعاطو الكحوليات حتى فقدو السيطرة على حياتهم ! هل هم ضحايا الرهن العقاري؟لا أعلم 

لن أقدر على سؤاله أخشى أن سؤالي يفتح أوجاعا لا جواب لها ، هل هذة هي أمريكا أرض الأحلام بلد المليون فرصة ؟أرض الأنظمةالإقتصادية المرنة .

أكملت طريقي وأستقليت الباص أخذني إلى وسط البلدة الناس في دنفر أزيائهم أنيقة من أناقتهم تشعر وكأنك في عرض للأزياء طيبون منأول حوار طريقتة بالكلام وكأنه يعرفك دخلت إلى إحدى البارات إستقبلتني المضيفة بابتسامتها الجميلة سألتها عن العرض المقدم قالت أنهاموسيقى الجاز

كأس وموسيقى واستمع إلى أنغام العزف الذي يبدو  إلى ذهني وكأنة قادم من حضارة أفريقية  

كنت متشوق إلى المكان في عجالة من أمري فانا أقلب طرق المدينة كمن يقلب بكتاب ثمين فرح باقتناءة لا أعرف من أين أبدا 

خرجت من الحانة وذهبت إلى مطعم تناولت 

العشاء وبصراحة لا أذكر كيف كان العشاء أو نوعية الطعام كل ما أذكرة أن هنالك شرطيان لاتينيون لديهم مشكلة مع أحد الزبائن ، أردتالعودة إلى المنزل ولكني لم أحفظ إسم المكان الذي أقطن فيه 

لأني زائر وهاتفي نفذت بطاريته كنت أحفظ به الموقع ، كل ما أستطعت تذكرة اسم الشارع (مارشير ستريت ) أوقفت سيارة تاكسي قلت له :بصراحة أنا لا أحفظ إلى إسم الشارع ولم أقدر على تذكر التقاطع أو رقم الدائرة 

بعد تفكير عميق وسريع اعتذرت منه وقال لي انتظر في موقف الباص سيأتي الباص بالرقم السابع عشر وأركب معه سيكون قريب منوجهتك 

وبينما كنت أقف على حافة الرصيف أنتظر الباص 

خرجت فتاة سمراء من إحدى البنايات التي خلفي 

نعم سمراء ذلك اللون اللاتيني المميز وقفت بالقرب مني ، إنها الصدفة  اوه وما أدراك عن الصدفة أجمل من الف خطة تكنيكية ، أريد التحدث معها وبداء حوار ، بطريقة معتادة لو سمحتي هل هذا هو الموقف المؤدي إلى شارع مارشير ستريت ؟نعم هو ، حمدً لله كنت أخشى أني لن أعود هذة الليلة ، من أين أنت ؟أتيت إلى دنفر زائر ولدي مجموعة من الأصدقاء هنا 

أنا طالب وأعيش في ولاية كانسيس في مدينة صغيرة أسمها إمبوريا ، بدأ الحديث بيننا بسلاسة 

وأشعر أني بجواري (ميلا كونيس) نجمة هوليود السمراء ،قالت : ما رأيك في مدينة دنفر ؟ 

أحببتها ،هل تحب التخيم ؟أين؟ في براري جبال الروكي :فكرة حسنة لكن أخشى من الدببة قرأت أن هناك الكثير من الدببة بالقرب منالمنطقة وعلى الجبال قالت لي وهي تضحك وتمسك بساعدي لاعليك عند النوم غطي الطعام وأشعل النار ولن يأتي ، لم أرى دب في حياتيحتى في حديقة الحيوان وتريدني أن أتعامل معه بكل بساطة ؟

عندما كنت صغيرًا ذهبت إلى حديقة الحيوان كان هنالك ضبع أضع إصبعي داخل القفص وإذا أوشك على إلتهامة أخرجة وفي إحدىالمحاولات من الضبع كاد أن يلتهمه لأني لم أستطيع أن أخرج أصبعي بسهولة (لعبة خطرة ) لا تعلموها أطفالكم ،استمر الحديث والضحكبيننا أربعون دقيقة والجو بارد ولا يوجد سوانا وعندما أتى الباص ركبنا سويه القليل من الراكبين وصلت إلى وجهتي ودعت صديقتي لكن لم  أحرص على طلب حسابها على الفيس بوك لأني عابر في هذة المدينة وماعلى العابرين إلى الرحيل ، الساعة الرابعة فجرا 

ومازال علي البحث عن التقاطع المؤدي إلى المنزل الشمال كالجنوب في نفس الشارع عند منتصف الليل باي إتجاة أسير لا اعلم 

لم اكن بحاجة الى جهاز ملاحي كل ما كانت بحاجة إليه بوصلة أعرف بها الاتجاه لأني اوشكت على معرفة العنوان لا يفرق  بيني وبينالمتشردين في تلك اللحظة سوى اني امتلك بطاقة مصرفية بها مايكفي أن أسكن بفندق فايف ستار ، تعبت وبدات أشعر بالملل إلى أنشاهدت تلك اللوحة الحمراء 

منظرها كمنظر السراب في الصحراء الخاوية 

لم يكن بئر ماء للشرب والراحة بل كان مسكن (موتيل ) وهو شيء أصغر من الهوتيل فنادق متدنية المستوى ورخيصة  ذهبت إليها مباشرةبالعادة هذة الأماكن غير آمنه عصابات ومشاكل  لكن ماذا علي ان افعل استأجرت الغرفة وأغلقت الباب العازل عن هذا العالم المزعج كانتهذة مشاعري في تلك اللحظة ، وأنا غارق في نومي كانت هناك محاولة لفتح الباب لا اعلم هل هو لص أم شخص تائه لكني لم  ألقي لتلكالمحاولة اي اهتمام من شدة التعب وعند الظهيرة  استيقظت وأمسكت بهاتفي هذا الجهاز الذي تخلى عني ليلية البارحة عدت الى أصدقائيفي الشقة الذين كانو قلقين علي وعاتبوني لماذا 

ذهبت وحدك وما الفائدة من رحلتك غير الضياع ؟


في الضياع أجد ضالتي ولحضات الغربة تخبرك عن قيمة مجتمعك ، في اليوم التالي عندنا الى ولاية كانسيس والى مدينتنا الصغيرة التيلم ارى فيها متشردًا واحدًا ، نذهب الى البحيرة وأطارد البط والسناجب لي اول مرة اشعر  أن حياة الريف أفضل مئة مرة من حياة المدنالكبيرة .

Comments

Popular posts from this blog

الطريق إلى كانسيس (الفصل الأول)

مناقشة في محاضرة